نشرت صحيفة لوموند افتتاحية بعنوان: «سوريا: العودة إلى طريق جنيف»، تحدثت فيها عن الفرص التي يمكن أن يتيحها التفاوض بين أطراف الأزمة السورية في جنيف تحت إشراف دولي، وخاصة بعد إخفاق الدورات السابقة من مفاوضات جنيف، وإن تكشّف الجهد الدبلوماسي خلال الفترة الماضية عن نجاح نسبي وحيد هو التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين بعض أطراف الصراع، وذلك بضغط كبير من واشنطن وموسكو على الأطراف المتحاربة في الداخل السوري، وإن لم تشمل هذه الهدنة أيضاً أخطر فصيلين إرهابيين هما «داعش» و«جبهة النصرة». وتساءلت الصحيفة، عما إن كانت العودة إلى ما قبل حال وقف إطلاق النار، وما قبل المفاوضات نفسها، وما قبل التدخل الروسي، هي الطريق الأكثر واقعية لإعادة مقاربة الأزمة السورية في خلفياتها وتعقيداتها وتطلعات السوريين لكيفية إيجاد الحلول الحقيقية لكل ما تكشفت عنه من محن ومشكلات. وأهم من هذا كله إعطاء أولوية للاستجابة لتحديات المأساة الإنسانية ذاتها، الأقل حضوراً للأسف في التداول الإعلامي، ووضعها في صدارة الموضوعات المطروحة على طاولة كل تفاوض مقبل في جنيف، أو في أي مكان آخر.
ومن غير مقاربة شاملة ومؤثرة، وفي ظل تقطع وتردد لقاءات جنيف، وعدم حسمها أو قدرتها على حلحلة مواقف النظام السوري، والمعارضة، وداعميهم الدوليين، لا يكون ثمة شك في أن الحالة السورية ستعاود السقوط من جديد في أتون عنف أشرس بكثير، في حرب عبثية لن يستطيع أي طرف حسمها في النهاية. وهو ما يعني، في المحصلة، أن جماعات العنف والإرهاب، التي استغلت تفاقم المحنة السورية ستحاول خلط الأوراق، والاستمرار في استهداف المعارضة السورية المعتدلة. وكذلك النظام أيضاً وداعموه من الجماعات الشيعية المتطرفة سيستمرون هم أيضاً في استغلال حالة حرب الكل ضد الكل، لجعل التوصل إلى حلول سياسية متفاوض عليها ضرباً من المستحيل أو العبث. وهو ما يعني غوص سوريا في مزيد من العنف والقتل، ما يستلزم جهداً دولياً مضاعفاً لإنهاء هذا الصراع الدموي المرير
مركز الشرق العربي