يطفئ “علي” آخر سيجارة له من علبة السجائر، “لنشوف من وين بكرى بدنا ندبر حق باكيت الدخان”، هكذا أصبح حال “علي” بعد أن أغلق محل النحاسيات الذي كان يعمل فيه، في دمشق القديمة، بداعي السفر خارج البلاد، ليجلس في المنزل “متكاسلا” محاولا البحث عن عمل آخر يسد احتياجاته الشخصية، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة تمر بها البلد.
علي (31سنة ) خريج “علم اجتماع”، لم يتزوج آملا كل عام أن تنتهي الأزمة، فقد كان يتقاضى مبلغا زهيدا 30ألف ليرة حوالي 40 دولار تقريبا، لا يكفي ثمن سجائره، ” الزواج بهيك ظروف انتحار شغل ما في وحتى الي عم يشتغل ما عم يلحّق بسبب الغلاء الفاحش بالبلد”.
وهناك دراسة أعلنتها الأمم المتحدة بداية العام الماضي “أن نسبة البطالة وصلت في سوريا إلى أكثر من 60% من اليد العاملة” في الوقت الذي تجاوز عدد الفقراء الذين هم تحت خط الفقر الـ 14 مليون شخص بسبب الأزمة التي تعاني منها البلاد.. التقرير أوضح أيضاً أن فقدان ما يقارب مليونين ونصف فرصة عمل يُعرّض نحو عشرة ملايين شخص للخطر.
تعد مشكلة البطالة أحد أكبر المشكلات التي تعصف بالشباب السوري، فبعد خمس سنوات من الثورة السورية شهد الاقتصاد السوري ارتفاعا كبيرا غير مسبوق في معدلات البطالة ارتبط بشكل كبير بالتضخم الحاد الذي تعيشه الليرة السورية، ما أدخلها في حالة من “الموت السريري”، التي على ما يبدو أنها لن تتوقف مع انتهاء الأزمة.. ففي كل سنة تُغلِق مهنة من المهن أبوابها لتُسرح أعداد كبيرة من العاملين منها، ففي السنوات الماضية كان أكبر المتضررين قطاع السياحة والمصارف والفنادق ومكاتب السفر، بالإضافة للمصانع التي نقلها أصحابها للخارج وخاصة تركيا، دون الاكتراث لمصير العاملين فيها، ليكون موقف الحكومة السورية حيادياً دون حل، حتى إنها لم تعلق على حال أكتر من 80ألف شاب متضرر.
“الحل هو الهجرة خارج البلد، لو كان معي مصاري أو حتى شيء أقدر بيعوا لكنت بعتو، وهاجرت برا البلد متل كل هلشباب”، فالأزمة المالية دفعت كثيرا من الشباب والأسر السورية إلى الهجرة، ولكن كثيرا ما كانت الحالة المادية ما تمنعهم من الخروج، وأجبرتهم على البقاء في انتظار المجهول، لتكون سبب في لجوء البعض من الشباب إلى السرقة وأعمال عنف متعددة، فقد سجلت الحكومة سرقات عدة لمحال وسيارات في وضح النهار في كثير من أحياء دمشق دون وضع ضوابط لها، كما ارتفعت نسبة جرائم القتل، والخطف بداعي طلب الفدية المالية كل ذلك بسبب البطالة والفقر والحاجة للمال.
لا يعلم “علي” إلى متى سيبقى يعتمد على عائلته في المصروف، فليس لهم دخل إلا ما تبعثه أختهم المغتربة منذ أكثر من 20 سنة، بالإضافة لراتب والده التقاعدي الذي لا يكفيهم إلا أياماً قليلة من الشهر، ليفكر بشكل جدي بالنزوح للمناطق المحررة؛ فكثير من أصدقائه بشهاداتهم الجامعية استطاعوا أن يجدوا فرصة عمل في إحدى المنظمات الموجود في الشمال السوري.
المركزالصحفي السوري – أماني العلي