حي القابون من الأحياء العريقة يقع في الشمال الشرقي للعاصمة دمشق، ويعتبر القابون بوابة دمشق الشرقية، حيث تبعد عن مركز المدينة أكثر من 3كلم بقليل، فالحي محاصر منذ أكثر من ثلاث سنوات ويعاني من نقص في جميع مستلزمات الحياة، كما يشهد واقع التعليم صعوبات كثيرة.
فقد شهد التعليم في حي القابون مرحلة ظلام وانعدام تام وذلك خلال عامي 2012و2013م، فالحي يحوي أقل من عشر مدارس وكلها تتعرض للقصف المدفعي المستمر، فلم تعد مكانا أمانا لطلاب القابون، كما استخدم النظام المدرسة “محمد الفاتح” المطلة على الأوتوستراد الدولي دمشق – حمص، ليحوله لثكنة عسكرية وينشر على سطحها أكثر من 15 قناص يستهدفون المدنيين في المنطقة، وبذلك هجرت المدارس في الحي لعامين متتالين.
تنبه مجموعة من الأهالي لمشكلة التعليم في القابون، لعلمهم بأهمية العلم ليجتمع عدد من مدرسي الحي بعد أن فصلهم النظام بشكل تعسفي، وخوف البعض من الاعتقال حال ذهابه لمناطق النظام، ليفتتحوا مدرسة بديلة في حي القابون تحت الأرض في الأقبية لمنع تكرار المجزرة التي حصلت منتصف عام 2014 راح ضحيتها 16 طفلا جراء قصف مدفعي استهدف أحد المدارس أثناء دوام الطلاب.
من هنا كانت فكرة اتخاذ الأقبية مكاناً لتجمّع الطلاب وتلقّي العلم، ففي أقل من عام استطاعت المدرسة الوحيدة في القابون جمع أكثر من 2000 طالب من جميع المراحل وتوفير لهم أكثر من 70 مُدرّسا ومدرسة ضمن إمكانات متواضعة.
حي القابون من الأحياء الفقيرة، يأتي الحصار وانعدام الكهرباء ليزيد الوضع التعليمي صعوبة، فالأقبية مظلمة، ما أجبر المشرفين في المدرسة على استخدام “الليدات” الموصولة على بطاريات السيارات؛ لحل مشكلة الإنارة في الصفوف، كما استطاعت المدرسة توفير بعض المستلزمات المدرسية واللقاحات عبر بعض المنظمات العالمية.
تقول “فاطمة” إحدى المدرسات في حي القابون :”حرصاً منا على إخراج الأطفال ما أمكن من أجواء الحرب والدمار المحيطة بهم، عملنا على تجهيز الصفوف و تزيينها بما يخلق بيئة تعليمية أكثر مرحاً ومتعة للأطفال”، كما استطاعت المدرسة تأمين اللقاحات اللازمة للأطفال بالتواصل مع كثير من المنظمات، وحاولت السماح بمشاركة الأطفال في كثير من الفعاليات والمسابقات التي تقام في المدرسة، تختم فاطمة حديثها :”الأمل بمستقبل أفضل يدفع أطفال حي القابون في كل يوم للتعلم والدراسة والنجاح.
رغم كثير من الصعوبات إلا أن سكان القابون أثبتوا على مر خمس سنوات مضت أنهم صامدون على أرضهم متَحَدّين جميع الصعوبات التي تواجههم، ليزرعوا في نفوس أطفالهم الحرية والكرامة، وأن العلم هو السلاح الأقوى لإسقاط النظام وبناء الوطن من بعده.
المركز الصحفي السوري – أماني العلي