(زادت شعبية داوود أوغلو ولم تنقص شعبية أردوغان)
بهذه الكلمات المعبرة والمؤثرة اختصر أحد مؤيدي حزب العدالة والتنمية المشهد السياسي لتنحي داوود أوغلو عن رئاسة الحزب وبالتالي رئاسة الوزراء على الشارع التركي المؤيد لسياسات حزب العدالة والتنمية ورجالاته البارزين.
لم يكن خبر استقالة رئيس الحكومة التركية حدثا عاديا في الاعلام العالمي فضلا على أن يكون حدثا عاديا في تركيا وإعلامها المؤيد والمعارض والتي هي المعني أولا وأخيرا بتبعات القرار.
تناولت معظم وسائل الاعلام الغربية قرار داوود اوغلو بعين الحذر والريبة لهذا الرجل الذي وصف لدى معظمها بأنه الرجل الأكثر ديناميكية وانفتاحا في حل المشاكل وتدويرها والأكثر مرونة واعتدالا في قيادات حزب العدالة والتنمية وهو المعروف والمشهور بصاحب مبدأ تصفير المشاكل وانهاءها..
وغياب الرجل عن مسرح القرار سيعني بالضرورة الانتقال الى حقبة أكثر تشددا وتصلبا في السياسة التركية داخليا وخارجيا .
من يعرف تاريخ الرجل وخلفيته العلمية والثقافية يدرك تماما عمن نتكلم فالرجل المولود في احدى البلدات التابعة لولاية قونيا عام 1959حاصل على الماجستير في الادارة العامة ودكتوراه في العلوم السياسة والعلاقات الدولية ومؤسس أول فرع للعلوم السياسية في الجامعة الاسلامية في ماليزيا وحاصل على لقب محاضر دولي وصاحب نظرية وأطروحة استبدال الحضارة الاسلامية بالحضارة الغربية والمصنف في احدى المجلات الدولية من بين أبرز مئة مفكر دوليين وله مؤلفات وكتابات عديدة ترجمت الى عدة لغات وهو يتقن اللغات الانكليزية والألمانية والعربية واللغة التركية الأم.
والمتتبع لعمل الرجل ونهجه وخطاباته وثقافته يدرك مدى الرؤية الحضارية العميقة المنبثقة من ثقافة الاسلام وروحه وتعاليمه و فهم للواقع وحيثياته ومحاولة اسقاط هذه الثقافة لتصبح حقيقة، حتى اتهمه البعض بأنه رجل خيالي أكثر من اللازم.
الاعلام العربي والأقلام المأجورة في معظمها تناولت القرار بفرحة عارمة لم يستطع اخفاءها فراح يشرق ويغرب كالإعلام التركي المعارض لنهج حزب العدالة والتنمية بأن هذا الخلاف بين الرجلين الأقوى في تركيا هو بداية النهاية لحزب العدالة والتنمية وأن الخلاف أكبر من أن يتم احتواءه والحقيقة أن هذه الأقلام التي تعتاش وتستمر على النفاق والتزلف لأجهزة الحكم لا يعدو تحليلها مجرد تمنيات في رؤوس كاتبيها فتركيا أردوغان وتركيا العدالة والتنمية وتركيا المؤسسات قفزت عاليا وماتزال في حين مايزال الكثيرين منهم ومن أسيادهم مستمرين في النزول الى الحضيض..
ما لا يجب انكاره أن الخلاف كبير بين الرجلين وهو نتاج خلافات متتالية ومتوالية كان آخرها سحب البساط من تحت رجلي داوود أوغلو في الحزب حيث انتقلت مسؤولية الاشراف والتعيين والقرارات من نائب رئيس الحزب الى الهيئة التنفيذية بعد اجراء اقتراع صوت عليه 47عضو من أصل خمسن في حين امتنع ثلاثة عن التصويت بإيحاء من أردوغان وبذلك يكون داوود أوغلو حرم من استخدام صلاحيته كرئيس للحزب وتكون بذلك القشة التي قصمت ظهر البعير ولا يمكن لرجل كداوود أوغلو يملك حسا عاليا من الكرامة والثقافة وعزة النفس الاستمرار برئاسة حزب مسلوب الارادة فيه أو رئاسة حكومة مسلوب القرار فيها ومع ذلك قدم مصلحة الحزب والأمة على القيام بأية مقاومة أو مناكفة لا تفضي الا الى شماتة الخصوم وخسارة رفاق الدرب والدخول بالحزب والدولة الى طريق لا يحمد عقباها.
وبكل الأحوال فإنها السياسة والحكم والتي لا يمكن أن تقبل أن يكون فيها رجلان قويان يصارع كل منهما لإقامة مشروعه كما يراه حتى ولو كان لمصلحة الأمة والشعب.
داوود اوغلو سيغادر ولكنه سيبقى يساند حزبه ورفاقه، وتركيا حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان قوية وماضية الى الأمام بإذن الله ومهما يكن ،فقيادة تركيا في هذه المرحلة الحرجة والدقيقة تحتاج إلى رجل كأردوغان فهو ربان ماهر ورئيس حازم و حكيم يملك من الشجاعة والخبرة والشخصية الكارزمية ما تؤهله الى الوصول الى تركيا والشعوب المظلومة والمقهورة في عالم تغزوه المصالح وتغيب عنه الأخلاق والقيم ، الى أمل مشرق، ومستقبل أفضل
وضاح حاج يوسف – المركز الصحفي السوري