حمّل منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة المقيم في سورية يعقوب الحلو «المجتمع الدولي» وتحديداً مجلس الأمن مسؤولية الوضع الكارثي الذي تواجهه سورية. وأطلق تحذيراً إلى العالم من «أن في سورية عناصر من 90 جنسية وهؤلاء حين تنتهي الأزمة في سورية، سيحملون المذبحة التي شاركوا فيها إلى بلدانهم أو إلى أمكنة أخرى، ما يعني أن السلم الأمني العالمي في خطر».
وكان الحلو انتقل إلى بيروت لساعات قبل أن يعود إلى سورية لاستكمال تحميل قوافل المساعدات لاختراق الحصارات المفروضة على 17 بلدة من جانب الأطراف المتورطين في الحرب وبينهم «حزب الله» اللبناني، بعدما سقطت زبدين في يد السلطات النظامية أخيراً وغادرها أهلها (نحو 5 آلاف شخص) إلى مناطق أخرى في الغوطة الشرقية.
وقال في لقاء مصغر شاركت فيه «الحياة» إن «ما ننظر إليه في سورية مثال حي على الفشل الجماعي للمجتمع الدولي في حل المشكلة». وقال: «ترتيب سورية كان الدولة الثالثة في العالم التي تستضيف مليون لاجئ واليوم صارت الدولة الرقم واحد في العالم التي يسعى شعبها إلى اللجوء».
وإذ اعتبر أن الانتقادات مفيدة «لأنها تحفّزنا على التحسين»، ذكّر بأن «حتى الآن ممثل الدولة السورية في الأمم المتحدة هو الحكومة الموجودة، وهذا لا يعطيها امتيازاً إنما يحمّلها مسؤولية كبرى بأن تؤمّن الحماية لمواطنيها. ولا نساعد الناس بناء على المكان الذي يتواجدون فيه إنما بحسب الحاجة. ولا نصل إلى الجميع. فالحاجات تتزايد والمساعدات تقل ومشكلة الوصول عبر المحاور حقيقية».
ولفت الحلو إلى أن «السوريين المحاصرين، كما المتواجدين في المناطق التي تعيش استقراراً نسبياً، يعانون بصمت، وعلى رغم أن العالم تخلى عنهم، لديهم الأمل بأن الأمور ستتحسن». وأوضح أن «القول إن لدي قراراً من مجلس الأمن ويمكنني قيادة قافلة محملة بالمساعدات وعبور الحواجز، أشبه بمهمة انتحارية». وأشار إلى أن «قرار مجلس الأمن ينص على أن الأمم المتحدة يجب أن تبلغ الحكومة السورية وليس أن تأخذ إذنها، بتوزيع المساعدات، وهذا ما نفعله في مناطق المعارضة»، مؤكداً «أن المساعدات تصل إلى الناس فعلياً والهلال الأحمر السوري شريك ضروري، ولا يتجاوز هامش الخطأ 2 في المئة. وفي حال رمي المساعدات جواً، فإن هامش الخطأ قد يصل إلى 5 في المئة في دير الزور مثلاً».
الحصار يمارسه الجميع
ويشير المسؤول الدولي إلى أن «محاصرة المدنيين أصبحت جزءاً من تكتيكات الحرب ويمارسها كل الأطراف وهذه جريمة في القانون الدولي».
ويبلغ عدد المناطق والأحياء التي لا تزال محاصرة «17 وفيها 592 ألف سوري، وهي الجزء المتبقي من دير الزور («داعش»)، وهناك الفوعة وكفريا المحاصرتان من قبل «جيش الفتح»، والبقية من قبل الحكومة وأصدقاء الحكومة بما في ذلك «حزب الله» المتواجد بصورة كبيرة جداً في سورية، وجزء من حصار مدينتَي مضايا والزبداني ينفذه الحزب».
وعن الوضع في داريا التي دخلتها الأمم المتحدة بعد 4 سنوات ودوما التي تم الدخول إليها بعد سنتين، قال الحلو: «رأينا مآسي كثيرة. في مضايا المكان مدمر والناس في حال خوف شديد، لكن يأملون بأن العالم سيأتي لإنقاذهم، وفي داريا هناك 4 آلاف شخص محاصرون، 75 في المئة منهم نساء وأطفال والبقية ليسوا بالضرورة مسلحين أو مقاتلين، بينهم الطبيب ومن يعمل في الخدمات العامة. والحصار مرفوض لأنه يتم بذريعة أن كل من في الداخل مسلح وهذا خطأ».
ويأمل الحلو في «نهاية الشهر الجاري بالوصول إلى كل المناطق»، متحدثاً عن «قافلة تتحضر للانطلاق إلى الغوطة الشرقية، وحصلنا على موافقة لدخول 12 مكاناً محاصراً، 3 منها جرت الموافقة المشروطة عليها وهي: المعضمية ودوما وداريا والشرط إدخال حليب للأطفال ولقاحات فقط، لكننا أدخلنا إليها ما يوفر استمرارية الحياة فيها، وهناك منطقتان يتم رفض دخولنا اليهما بينهما الزبداني ولا مشكلة في الأمر لأنها جزء من اتفاق البلدات الأربع (الزبداني ومضايا مقابل الفوعا وكفريا) ولا نستسلم. وتمت مساعدتنا بشكل أحسن منذ تشكيل فرقة العمل للشؤون الإنسانية في ميونيخ التي تضم كل القوى المفاتيح في سورية، وفيها الولايات المتحدة روسيا والسعودية وإيران وقطر وتركيا. واستخدمنا تأثيرها على بعض الأطراف في هذه الأزمة لنتمكن من القيام بعملنا».
التفاوض مع حزب الله»
والتفاوض لدخول المناطق المحاصرة، وفق الحلو، يتم مع «الحكومة السورية وكل أطياف المعارضة العاملة داخل سورية ولا نتعامل مع المعارضة في الخارج، والحكومة السورية هي التي تتواصل مع حلفائها على الأرض. وأفترض أن الزملاء في الأمم المتحدة في لبنان يتعاطون مع كل الأطراف السياسيين في لبنان» (بما في ذلك «حزب الله»).
وتحدث الحلو عن «أن عدداً كبيراً من العناصر المقاتلة الذين ينتمون إلى 90 جنسية موجود في مناطق سيطرة المعارضة. جزء منهم مستحيل التعامل معه، وجزء صعب التعامل معه، وجزء يمكن التعامل معه خصوصاً من السوريين الذين يقاتلون باسم المعارضة لأنهم أبناء البلد ويعيشون في المناطق التي يسيطرون عليها ولأن أهاليهم هم من يعانون».
الحياة