” لا تزال الأيادي البيضاء تؤدي دورها الإنساني والاجتماعي في بلادنا في مختلف جوانب الحياة من جمعيات خيرية ومقرات لرعاية الأيتام ومطابخ لإطعام المهجرين ومشاف خيرية لمعالجة الفقراء. مؤسسات تعمل وفق رؤى معينة وبجهود كثيرة منها تطوعية”.
كلمة مفتاحية استهلت بها صحيفة الوطن الموالية للنظام تقريرها المفعم بالإنسانية والحب والتسامح حول دار للأيتام في مدينة دمشق، ويتحدث التقرير حول تاريخ تأسيس ميتم سيد قريش وإنجازاته العريقة والحضارية كونه يحتضن أكثر من 200 يتيم يعيشون مع المشرفين وأعضاء الميتم كأسرة واحدة في جو من الحميمية العائلية، ويرعى الميتم الأطفال ابتداء من الصف السابع حتى انتهاء تحصيلهم العلمي، والأولوية لمن فقد والديه ” الأم والأب”.
وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها إن 82 ألف أسرة فقدت رجالها المعيلين، و2300 أسرة فقدت الأمهات، الأمر الذي يساعد على توقع عدد هائل من الأطفال الأيتام بسوريا، ولا توجد إحصائية دقيقة بعدد الأيتام في سوريا، لأن عددهم يزداد يوما بعد يوم مع ارتفاع حدة القصف والاشتباكات في مختلف مناطق سوريا الواقعة تحت سيطرة جميع الأطراف المتنازعة.
هم أطفال لا ذنب لهم ليحرموا من حنان الأم أو عطف الأب، سواء كانوا يعيشون في مناطق سيطرة النظام أو في المناطق المحررة، فتلك الأيادي البيضاء التي تقدم المحبة وتعوض الأطفال عن وجود الأب والأم.. في التقرير كأن على رأسها ريشة كما يقال، فلو كان مسؤولو النظام أو الموالون له يشاهدون ما يحدث من مجازر ضحيتها في الغالب أطفال سواء كان الموت مصيرهم أو حياة اليتم والحرمان، لما تغنوا بالإنسانية التي لا يعرفون عنها شيئا.
يتحدثون عن الإنسانية والمشاعر البريئة الصادقة تجاه أولئك الأطفال ويتجاهلون ما يقوم به نظامهم الذي يصفقون ويهللون لبطولات جيشه، وكأنهم لا يعلمون أن طائرات الحقد لم تقم أي اعتبار للشهر الفضيل، لشهر الرحمة والمغفرة، إذ قامت ومن أول يوم فيه باستهداف معظم المناطق المحررة بما فيها مدينة إدلب بغاراتها الحاقدة، فيكون الميتم الوحيد في مدينة إدلب ضحية لإحدى صواريخها، فعن أي إنسانية تتشدقون وأنتم بعيدون عنها بعد السماء عن الأرض؟!
لم تكتمل فرحة أولئك الأطفال الصغار الذين لم يروا من طفولتهم سوى القهر والحرمان، فما لبثوا أن وجدوا منزلا يحتضنهم ليعيشوا في جو الأسرة التي حرمهم النظام من عيشها، ليستفيقوا على واقع مرعب ويجدوا أنفسهم في كابوس قد دمر حلمهم.
فقد دمرت الغارة التي استهدفت مبنى اتحاد العمال بالقرب من دار الأيتام بيتهم الوحيد، إذ تم افتتاحها بداية أبريل نيسان من العام الحالي بتجهيزات ووسائل ترفيهية وتعليمية تليق بطفولتهم برعاية منظمة “رحماء بينهم” التي تعنى بشؤون الأيتام وأبناء الشهداء، ويعيش في الدار ما يقارب 40 طفلا وكانت الأولوية لمن فقد والديه، فتم إخراجهم من الدار بكل حذر وحرص على سلامتهم من قبل المشرفين ولم تسجل أي إصابة بينهم.
رغم أنهم لم يصابوا بشكل مباشر إلا أن الضرر النفسي الذي لحق بهم أشد وطأة في نفوسهم، فما هي نفسية طفل استفاق على وقع صاروخ ضرب بيته الساعة الخامسة صباحا وهو نائم ليجد الدمار قد طال كل شيء حوله؟ والدخان والشظايا تتناثر حوله في كل مكان؟، ألم تكتفوا من الادعاءات الواهية والكذب؟ حري بكم أن تكتبوا مقالا عن الأيادي السوداء التي تسعى جاهدة لتدمير كل شيء، أم أن أطفالكم يستحقون العيش بكرامة وإنسانية أما أطفالنا فكتب عليهم الشقاء؟
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد