تحولت فكرة زراعة أشتال الخضار من أسطح المنازل وشرف البيوت والحدائق التي كان يطبقها سكان الزبداني منذ زمن بعيد إلى مشروع انتاجي، يلجأ إليه كثير من سكان ريف دمشق، سعيا منهم للتخفيف من الحصار المفروض عليهم منذ سنوات عدة من قبل قوات النظام وحلفائها حزب الله اللبناني وإيران، ودعماً لمبدأ الاكتفاء الذاتي الذي فرضه الواقع المرير.
تقع الزبداني شمال غرب دمشق بمسافة 45كم، وتمتد على سفوح جبال لبنان وتحيط بها مجموعة من البلدات الصغيرة مثل “بقين ومضايا وبلودان ” أجبر النظام سكانها البالغ عددهم 63 ألف شخص على النزوح قسراً بعد حملة شرسة على المنطقة، لم يكتفِ النظام بذلك بل قام بحرق وقطع أشجار معظم الأراضي الزراعية؛ ليضمن عدم عودة السكان لأراضيهم، فـ 70% من سكانها مزارعون يعتمدون على ما تنتجه أراضيهم.
وأكدت الناشطة “نور أحمد” من الزبداني لسوريتنا “بعد رفض كثير من السكان الخروج من المدينة والتخلي عن موطنهم، بات حريا البحث عن سبيل آخر للعيش، لذلك ظهرت فكرة الأحواض المنزلية، لقد كان من أهم الأسباب إلى ذلك هو الحملات العسكرية العنيفة التي تعرضت لها المدينة، وزرع المنطقة بالألغام وتطويقها بالقناصة”.
وبسبب صعوبة وصول الفلاحين إلى أراضيهم لاستصلاحها بعد أن قام النظام بحرق معظمها وتحويلها إلى ثكنات لعناصره أو رحبات لدباباته، انخفضت كمية الخضار والفواكه بشكل كبير في أسواق المنطقة، ما أدى لارتفاع أسعارها وندرتها في أماكن كثيرة في ريف دمشق”.
لم تكن فكرة الزراعة في الأحواض المنزلية بالأمر السهل، بل تحتاج لخبرة زراعية ومعرفة مواعيد الزرع وغيرها من المعلومات الزراعية، أبو أحمد مزارع من أبناء منطقة بقين، لم تذهب خبرته الزراعية في حقله لعشرات السنوات مع الريح، وقال في حديث لسوريتنا ” ليست الزراعة بالأمر البسيط كما يعتقد كثيرون، فعليك معرفة مواعيد زراعة الخضار، بالإضافة لمعرفة المواسم الصيفية التي تزرع من نهاية الشهر الثاني وحتى بداية السادس لتعطي ثمارها خلال شهر واحد من زراعتها، من الشتوية التي تزرع من الشهر التاسع وحتى بداية الشهر الثاني عشر، كما أنك يجب أن تملك نوعا جيدا من البذور لضمان إنتاج الشتلات جيدة النوعية”.
أراضي وحقول ريف دمشق، كانت مقصدا يوميا للسياح، ومنتزها عائليا للسكان، تقدر مساحتها بنحو11700ألف هكتار، وتعتبر من أخصب الأراضي في سوريا وأكثرها إنتاجا لأجود أنواع الخضار والفواكه، في السابق كانت الغوطة وما حولها هي المصدر الأولى للخضار والفواكه للدول العربية، ليحولها النظام بآلياته ودباباته أرضا محروقة لا يرتفع شيء فيها عن الأرض.
في الفترة الأخيرة من الحصار، فقدَ السكانُ الأمل من الجهود الدولية المزعومة لفك الحصار عن المنطقة، بعد جهود حثيثة من قبل ناشطي المنطقة تم الحصول على 7 كيلو غرام من بذار لمختلف أنواع الخضراوات، ليقوم السكان بزرعها داخل بيوت بلاستكية وأقفاص صغيرة بالتعاون مع مزارعي المنطقة خاصة منطقة بقين ومضايا الأكثر حاجة لمثل هذا المشروع.
وبعد الاعتناء الكبير بها فهي أملهم في البقاء على الحياة، حصلوا بعد 30 يوم على 3 آلاف شتلة من كل نوع من الخضار، وقال أحمد الدمشقي إعلامي من منطقة بقين ” وزعت 10 شتلات جاهزة للزرع على كل منزل يوجد فيه حديقة، وأما الأهالي الذين لا يملكون حدائق في منازلهم فتم توفير البيوت البلاستيكية المصغرة لهم ليتم وضع الأشتال فيها، كما تم تعليم طرق زراعة الخضار الموسمية كالخيار والبصل والثوم، فهي تدوم لأكثر من أربعة أشهر من العطاء.
سلوى وجارتها كانت لهم طريقتهم في التعامل مع فكرة الأشتال المزروعة بذكاء، سلوى زرعت شتلاتها في خمس براميل على سطح منزلها بعد أن ملأتها بالتراب، لتزرع جارتها بالمقابل أصنافا أخرى لم تزرعها سلوى ليتم تقاسم المحصول في النهاية “وفرت علينا كمية من الماء وأنواعاً أكثر”، كما أنها ساهمت في خفض مصروف المنزل.
المركز الصحفي السوري – أماني العلي