حتى اللحظة هناك قصص كثيرة لتروى، عن سوريين خرجوا من الموت للنجاح وإكمال مشوار حياتهم، ليثبتوا عزيمتهم وإصرارهم، وتشبثهم بالحياة في ظل حرب مازالت تلقي بظلالها على مختلف مناحي الحياة في سوريا.
من “هند” نبدأ إذ لم يمنعها نزوحها من ريف حلب إلى أقرب منطقة آمنة لها إدلب من إكمال تعليمها للأطفال، فقد نزحت العام الماضي لتحل في جامع خصص لاستقبال النازحين، مدة وجيزة حتى تفتح في بيتها المستأجر روضة صغيرة تجمع الأطفال النازحين من حلب لتعلمهم مجانا دون مقابل، لم يقف حلمها هنا، حب الأطفال لها كان سببا في عرض أحد سكان إدلب عليها إفتاح روضة صغيرة بإمكانات متواضع، ” خلال أربعة أشهر أصبح عندي 50 طفلا”، تكمل حديثها وهي تقف بصفها فخورة بعملها،” أصبحت الروضة لي ومجموعة من الفتيات النازحات من حلب، فقد كانت تتقاضى مبلغا زهيدا “1500ل.س” فهي تعتبر أن الظروف الصعبة التي يمر بها النازحون لا يمكن لهم أن يتحملوا مصاريف كثيرة”.
“فيصل” كان له نصيب من النجاح في تجاوز صعوبات الحياة وتأمين لقمة عيشه بالحلال، فقد نزح من حمص هو وأفراد عائلته الخمسة تحت ضربات الطيران السوري دون التفكير إلى أين يذهب لتحل رحالهم في إدلب،” كل ما كنت أفكر فيه أني بحاجة لعمل أكفي به نفسي وعائلتي”، ليبحث خلال شهرين متواصلين عن عمل في أحدى المحال في سوق المدينة دون جدوى، كان الحل في افتراش الرصيف المقابل للبيت الذي استأجرته، وأصبحت أفترش الرصيف بالبضاعة كالمواد الغذائية والملابس المستعملة” البالة”، ” كنت أجني قليلا من المال” ولم يقف تفكيره هنا.. فقد اشترى ماكينة خياطة معطلة ليصلحها، ويساعد الزبائن الذين يريدون إصلاح ملابسهم أو تعديل الملابس المستعملة، قبل اندلاع الثورة كان والد فيصل يملك مشغلا في ريف حمص يعيلهم منه وبعد استشهاده ترك فيصل ابن 16 عشر عاما معيلا لأسرة كاملة، ” لا يمكن لي أن أستأجر محلا فالأسعار في المدينة غالية تصل ل100دولار أحيانا، أما الكرفانة فقد أعطتني إياها إحدى الجمعيات الخيرية بالمدينة محاولة منهم دعم المشاريع الصغيرة”.
” لا يمكن للطيران والقصف أن يمنعنا من مواصلة الحياة” يقف سعد أمام محله الذي تعرض لغارة جوية العام الماضي في مدينة إدلب، ويصف لنا ما كان موقفه ” لم تنقضِ أيام على القصف حتى أخرجت آلات العجن من المحل وأصلحت الذي تعرض للضرر وأبعدت ركام المحل بعد إصلاحه بشكل جزئي.. لا نعلم متى تعود الطائرة للقصف، ولا أملك المال الكافي لأعيد بناء محلي من جديد”.. يعرف سعد بجودة حلوياته في المدينة وأسعاره المناسبة، ليحكي كيف أن أولاده الثلاثة في جامعات خاضعة تحت سيطرة النظام،” حلمي في عودة أبنائي إلى إدلب لخدمة بلدهم، وتعمير ما دمره النظام خلال السنوات الخمس الماضية”، ليشير إلى محله المدمر جزئيا ويختم حديثة ” ابني المهندس هو الي رح يعمر هل المحل”.
قصص نجاحهم تكمن في كونهم استطاعوا التأقلم مع واقع فرضته الحرب عليهم، ليثبتوا أنهم قادرون على الصمود في الوطن رغم كل الصعاب، أملين انتهاء الحرب وزوال الظلم عنهم فقد تشرد أكثر من 8 مليون سوري داخليا وخارجيا دون أمل قريب لانتهاء معانتهم.
المركز الصحفي السوري – أماني العلي